- فاطِمه الصفار
- Posts
- صراع الهوية ، ركض التوازن
صراع الهوية ، ركض التوازن
.. بين إلغاء الهويه أو الركض لأجلها
سلام سلام
صباح الأحد ، بداية لكل أحد
في ٢٠١٤ صرت أم ، وقتها ما كنت أعرف إني مو بس بودع جسدي القديم إنما هويتي بكمالها ، و أدخل رحلة جديدة ما أخترت بطبيعة الحال كل تفاصيلها (الحياة هكذا يا صديقتي ، لكنني لم أكن أعي حينها )
شفت مقاسي يتغير من المتوسط إلى الأكبر على مدار عشر سنوات و ثلاث ولادات : M→XL→XXL
صرت أهرب من المراية ، أكره أتصور ، و أغبط الأمهات اللي أجسامهم ما تتغير
كنت مركزة على شكلي لكن الحقيقة كانت أعمق و ما هذا التركيز إلا هروب من حقيقة أن هويتي جالسه تتغير بالكامل ، وأنا أقاوم ذلك
فيه صوت أسمعه كان في مواقف بشكل مباشر ، وأخرى بشكل غير مباشر هذا الصوت يقول : بيتك و زوجك أولى ، أنتِ أم و زوجة .. هنا بعد كلمة زوجة يحط نقطه (.) وأنا كنت أبي أحط فاصله (، ) وهذا خلاني أشيل بداخلي غضب و هروب من الواقع و شعور بإني مش ناجحة بأي شي ، وأن أحلامي جالسه تدفن وأنا معاها
أتذكر لليوم لمن تخليت عن الجامعة لمدة ثلاثة أسابيع و يمديك تشوفين المنشور اللي كتبته وقتها هنا ( حسابي الانستا سجلي لنسخي المتعددة ) ؛ وقتها كانت طفلتي الأولى بعمر أقل من سنة ، أقنعت نفسي حينها إني “ مقصرة “ و ما أقدر أجمع بين الجامعة و الأمومة
وقتها حسيت أن الأمومة يعني إني أتخلى عن كل شي وإن كنت مش مقتنعه لكن هذا الصح ، وهكذا كان عقدي الثاني : صراع الهوية ، بين ما أريد أن أكونه ، وما يفترض أن أكونه أو ما الواقع جعلني أكونه
ثم جاء عقدي الثالث فقلت لنفسي : مش الحل أنك تتخلين ، الحل أنك توازنين ،ايه نعم أنتِ قادرة تكونين كل اللي ودك تكونينه بدون ما تتخلين عن مسؤولياتك أو رغباتك خارج إطار الأمومة
صرت أركض بين الأمومة والدراسه ، طالبة جامعية وأم لبنتين أكبرهم بعمر الأربع سنوات .. حاولت أبقى الطالبة المتفوقة ، الأم المثالية : طبخ أكل صحي ، وبيت منظم ، وقت شاشات محدود و وقت نوعي ، تمرين منتظم بالنادي ، ومع هذا شاركت و حضرت في فعاليات الجامعة و أنديتها
كنت أظن أنه التوازن هذا شكله ، أن التوازن أكون سوبر ومن لكن النتيجة إني أنهرت ودخلت في دوامة سودا و جسمي ماعاد يشيلني (مرضت)
من هنا بدأت أتعلم أنّ السر مو في الهرب ، ولا في لعب دور الضحية ، ولا في الكمال ! بل في إيجاد الإيقاع الخاص فيني : أمومتي موجودة وبعد ذاتي ، وأنّ التقدم البطيئ يبقى تقدم ، تربية أطفالي تعني إني أعيد تربية نفسي معاهم خطوة بخطوة وأرحب بنسخي المتعددة والمتطورة
تعلمت أنّ هذي البساطة مش سهلة ؛ لكنها ممكنه بخطوات صغيرة مستمرة و صوات داخلي صادق متناغم مع قيمي
والآن بداية عقدي الرابع أستقبله بشعور إني مقبلة على بداية مختلفة ، ما أبي فيها صراع ولا سباق المثاليات ، بل ايقاع يتوافق مع تعريفي للتوازن ( تعريفي اقرئيه هنا ) ، أزرع فيه أثر طيب في نفسي و أطفالي ثم من حولي
هذي الرحلة كلها من صراع الهوية المتخفي وراء صراع الجسد في العقد الثاني ، إلى محاولة أن أكون السوبر ومن ثم الإنهيار ، وصولاً لبدايات جديدة و مفهوم ثم قناعة مختلفة اليوم هو ما ألهمني أن أطلق رحلة ألفه
برنامج نصنع فيه إنتاجية متسقة مع قيمنا ، بعيداً عن وهم الكمال و الإحساس بالذنب المتفاقم .. مساحة للأمهات اللي يحاولون ، مش المثاليات
صديقتي لو شفتي نفسك بين السطور ، و كنتي تعبانة من الركض بين ذاتك والأمومة فأحب أقولك : لستِ لوحدك
.. أنا مثلك والكثير من الأمهات( خلال الجلسات الارشادية التي اعقدها ، أو في سوالف المجالس والجمعات )لكن نحاول ، نطلب الدعم ، نتعلم ، و نخطئ ونقوم من جديد
فلو ودك نكمل هالرحلة مع بعض بخطوات عملية ، أكتبي لي “ ألفة “ و برسل لك التفاصيل
ألفة “ مساحة للأمهات البسيطات اللي يحاولون ، بعيداً عن ضغط الكمال و ثقل الشعور بالذنب”
“
علمتني الأمومة : أن الأحلام الكبيرة الصعبة لاتنجز دفعة واحدة ، بل بخطوات بطيئة تجعل الرحلة أطول
والرحلة الأطول تعني تجارب أكثر و اكتشاف لمواطن الشخصية والسعي نحو تقوية الضعيف منها لمواصلة الرحلة ، تعلمت أن العبرة بالرحلة لا الوصول فقط
و إلى حيثُ السعي لتصبح الأحلام واقعاً
سلام ، سلام