الكمالية المحرك الخفي للضوضاء الداخلية

عن دور الكمالية في زيادة العبء الذهني وتشوهاته

سلام سلام

صباح الأحد ، بداية لكل أحد

نشرة ٣\٣ : لقراءة النشرات السابقة انقري هنا و هنا حيث تتحدثان عن : الحمل الذهني و التشوهات المعرفية وكيف توثر على تشوه نظرتنا لأنفسنا

هناك صوت ما يهدأ ، صوت يحفزك بإستمرار أنك تقدمين أفضل ما عندك لكن في نفس الوقت تستشعرين ثقله على قلبك وأنه مهما قدمتي لسه مقصرة.. هذا الصوت غالباً هو : صوت الكمالية

الكمالية ما تعني رغبة لأداء ممتاز ( بتطرق لذكر ذلك اشويه ) هو صوت نفسي أو محرك يخفي وراءه خوف النقد أو خوف الخطأ أو فقدان السيطرة ، وحتى أنا مو جيد كفاية

نعم ممكن هي دافع قوي للإنتاجية لكن الإنتاجية السلبية التي لا تنفع بل تضر ، لا تشعرك بالرضّا بل تستهلكك

“ لو ماسويت كل شي صح ، ماراح ينفع “

“ ضروري كل فقرات يومي منجزة “

“الراحة مضيعة وقت “

تعتقدين راح تطلع بهالسهولة مثل العبارات ؟ أكيد لا ، لكن ممكن تنتبهين على نفسك بعد يوم طويل أنجزته فيه كل ما تستطعين تفكرين : ممم باقي وقت ايش اسوي ؟ لا لا ماراح اقرأ راوية أو اشوف فلم ابي اسوي شي مفيد ! نعم نعم تستكثرين على نفسك الراحة لأنه بعقلك ضروري أشغل كل وقتي بشي مفيد ، أو قد يكون لديك علم وخبرة مذهلة لكنك تترددين بنشرها لأنك تخشين ماذا لو ما كانت كافيه ؟

أصوات كثير تتشابك لكن ممكن إيجازها بعبارة : لا يكفي أبداً ما تنجزيه

ليش الكمالية المحرك الخفي للتشوهات الذهنية ؟

لأنه مو صوت واعي ننتبه له ، هو صوت يشتغل تلقائي “ نمط التفكير السريع “ وغالباً ناشئ من تنشئتنا و أفكارنا المتراكمة حول العمل و مفهوم الإنجاز والنفع .. فيشتغل مع كل مهمة

كيف نربط ذلك مع الحمِل الذهني و التشوهات الذهنية ؟

-أرجعي للنشرتين السابقتين-

التشوه المعرفي في النماذج الذهنيه — يضخم — الحمل الذهني ، والذي يحرك و يكبر كلاهما صوت الكمالية

طيب كيف أقدر أحل هالمشكلة ؟

أعول دائماً كالنشرتين السابقتين على نقطة الوعي و التفكير البطيئ هذا هو الحل الجذري

أنتبهي للصوت و أعترفي أنه صوت كمالية مو إتقان وشتان بين الأمرين

أسألي نفسك : هل هذا يخدمني ؟

ركزي على الهدف الحقيقي : هل تريدين انتاجية رحيمه تتفق مع قيمك أم إنتاجية تستهلكك ولا تشبهك ؟

طيب شلون أعرف أن هذا صوت كمالية أم إتقان ؟

الإتقان يرفع جودة ما تقومين به ، الكمالية تخليك تتراجعين وراء أسباب كثيرة لكن قناعها الخوف أو تضغطين على نفسك بشكل مستحيل معاه تشعرين بالرضّا

من منظور إسلامي الله سبحانه وتعالى ما طلب منا الكمال ! بل السعي و التكامل

“ وأن سعيه سوف يرى “ ، “ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها “

آيتين يهدون أوهام الكمالية ، نعم مطلوب منا التكامل وليس الكماليه

التكامل يعني : أن نعمل بقدر ما نستطيع ، أن نخطئ و نتوب ، أن نقصر و نعوض ، نمر بفترات إقبال وإدبار

لكن المقصد واحد أثناء رحلة التكامل ، ليس ألا نخطئ بل أن نسعى لإعمار الأرض

أما الكمالية تشوه هذا السعي و تجعل الخطأ دليل فشل ، والتعب تقصير ، والراحة كسل ، وتربط قيمتك بمقدار ما أنجزت لا ما تركت من أثر وكيف كان ! الكمالية تقول لك كوني مثالية أو لا تكوني شي ، بينما ديننا الإسلامي يحثنا على السعي لا النتيجة ، بل حتى العبادات قائمة على الإستمرارية مو الكثرة أو الجودة في أحاديث مضمونها مثل : إن للنفس إقبال و إدبار ، و أحب الأعمال أدومها وما قل

وهذا جوهر الإنتاجية الرحيمة

وعي ، نية صادقة ، خطوات تناسب إيقاعك ، وإنتاجية تراعي ما تمرين به لا ما تأملين

واليوم بداية أشهر النور : رجب ، شعبان ، رمضان

خليها تهذبك، تهيئك، ما تضغطك .. خليها موسم للوعي ومساحة للعودة للداخل لا للسباق لأجل أوهام

والأسبوع القادم بعد بداية سنة ميلادية جديدة ، بدايات مثل هذي ما تحتاجين فيها لخطط مثالية تحبطك كل سنة وتزيد ثقلك.. أنما البدايات خلقت لنختار فيها الوضوح ، الإتجاه الصحيح

اختاري بداية ما تثقلك إنما توعيك و تخفف عليك ؛ لأجل إنتاجية لا تستهلك بل ترضيك

خلال هذا الأسبوع سأشاركك شرحاً مبسط عن كتيب: بداية ألفة ٢٠٢٦ — دليل الأم الواعية للنماذج الذهنية والإنتاجية اللطيفة

والذي به كتبت عن الأصوات الداخلية ، وأن التغيير الحقيقي لا يبدأ من التكنيكات و الخطط  ، بل يبدأ من بذرة التفكير - الوعي

لو حابه تكوني على إطلاع — انضمي للقناة و ستجدين فيديو مرفق خلال هذا الأسبوع عن ذلك

ولو حابه تسجلي اهتمامك للحصول على الكتيب فور إطلاقه سجلي هنا 

وفي الختام رددي معي

اللهم أجعل بدايتنا نوراً لا ثقلاً ، وأعمالنا بنيات خالصةً لك ، وأيامنا ألفةً تقربنا إليك ، لتطمئن قلوبنا ونعيش ببرد رضاك ، اللهم آمين

و إلى حيث السعي لتصبح الأحلام واقعاً

سلام ، سلام