- فاطِمه الصفار
- Posts
- الكمالية المحرك الخفي للضوضاء الداخلية
الكمالية المحرك الخفي للضوضاء الداخلية
عن دور الكمالية في زيادة العبء الذهني وتشوهاته
سلام سلام
صباح الأحد ، بداية لكل أحد
نشرة ٣\٣ : لقراءة النشرات السابقة انقري هنا و هنا حيث تتحدثان عن : الحمل الذهني و التشوهات المعرفية وكيف توثر على تشوه نظرتنا لأنفسنا
هناك صوت ما يهدأ ، صوت يحفزك بإستمرار أنك تقدمين أفضل ما عندك لكن في نفس الوقت تستشعرين ثقله على قلبك وأنه مهما قدمتي لسه مقصرة.. هذا الصوت غالباً هو : صوت الكمالية
الكمالية ما تعني رغبة لأداء ممتاز ( بتطرق لذكر ذلك اشويه ) هو صوت نفسي أو محرك يخفي وراءه خوف النقد أو خوف الخطأ أو فقدان السيطرة ، وحتى أنا مو جيد كفاية
نعم ممكن هي دافع قوي للإنتاجية لكن الإنتاجية السلبية التي لا تنفع بل تضر ، لا تشعرك بالرضّا بل تستهلكك
“ لو ماسويت كل شي صح ، ماراح ينفع “
“ ضروري كل فقرات يومي منجزة “
“الراحة مضيعة وقت “
تعتقدين راح تطلع بهالسهولة مثل العبارات ؟ أكيد لا ، لكن ممكن تنتبهين على نفسك بعد يوم طويل أنجزته فيه كل ما تستطعين تفكرين : ممم باقي وقت ايش اسوي ؟ لا لا ماراح اقرأ راوية أو اشوف فلم ابي اسوي شي مفيد ! نعم نعم تستكثرين على نفسك الراحة لأنه بعقلك ضروري أشغل كل وقتي بشي مفيد ، أو قد يكون لديك علم وخبرة مذهلة لكنك تترددين بنشرها لأنك تخشين ماذا لو ما كانت كافيه ؟
أصوات كثير تتشابك لكن ممكن إيجازها بعبارة : لا يكفي أبداً ما تنجزيه
ليش الكمالية المحرك الخفي للتشوهات الذهنية ؟
لأنه مو صوت واعي ننتبه له ، هو صوت يشتغل تلقائي “ نمط التفكير السريع “ وغالباً ناشئ من تنشئتنا و أفكارنا المتراكمة حول العمل و مفهوم الإنجاز والنفع .. فيشتغل مع كل مهمة
كيف نربط ذلك مع الحمِل الذهني و التشوهات الذهنية ؟
-أرجعي للنشرتين السابقتين-
التشوه المعرفي في النماذج الذهنيه — يضخم — الحمل الذهني ، والذي يحرك و يكبر كلاهما صوت الكمالية
طيب كيف أقدر أحل هالمشكلة ؟
أعول دائماً كالنشرتين السابقتين على نقطة الوعي و التفكير البطيئ هذا هو الحل الجذري
أنتبهي للصوت و أعترفي أنه صوت كمالية مو إتقان وشتان بين الأمرين
أسألي نفسك : هل هذا يخدمني ؟
ركزي على الهدف الحقيقي : هل تريدين انتاجية رحيمه تتفق مع قيمك أم إنتاجية تستهلكك ولا تشبهك ؟
طيب شلون أعرف أن هذا صوت كمالية أم إتقان ؟
الإتقان يرفع جودة ما تقومين به ، الكمالية تخليك تتراجعين وراء أسباب كثيرة لكن قناعها الخوف أو تضغطين على نفسك بشكل مستحيل معاه تشعرين بالرضّا
من منظور إسلامي الله سبحانه وتعالى ما طلب منا الكمال ! بل السعي و التكامل
“ وأن سعيه سوف يرى “ ، “ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها “
آيتين يهدون أوهام الكمالية ، نعم مطلوب منا التكامل وليس الكماليه
التكامل يعني : أن نعمل بقدر ما نستطيع ، أن نخطئ و نتوب ، أن نقصر و نعوض ، نمر بفترات إقبال وإدبار
لكن المقصد واحد أثناء رحلة التكامل ، ليس ألا نخطئ بل أن نسعى لإعمار الأرض
أما الكمالية تشوه هذا السعي و تجعل الخطأ دليل فشل ، والتعب تقصير ، والراحة كسل ، وتربط قيمتك بمقدار ما أنجزت لا ما تركت من أثر وكيف كان ! الكمالية تقول لك كوني مثالية أو لا تكوني شي ، بينما ديننا الإسلامي يحثنا على السعي لا النتيجة ، بل حتى العبادات قائمة على الإستمرارية مو الكثرة أو الجودة في أحاديث مضمونها مثل : إن للنفس إقبال و إدبار ، و أحب الأعمال أدومها وما قل
وهذا جوهر الإنتاجية الرحيمة
وعي ، نية صادقة ، خطوات تناسب إيقاعك ، وإنتاجية تراعي ما تمرين به لا ما تأملين
واليوم بداية أشهر النور : رجب ، شعبان ، رمضان
خليها تهذبك، تهيئك، ما تضغطك .. خليها موسم للوعي ومساحة للعودة للداخل لا للسباق لأجل أوهام
والأسبوع القادم بعد بداية سنة ميلادية جديدة ، بدايات مثل هذي ما تحتاجين فيها لخطط مثالية تحبطك كل سنة وتزيد ثقلك.. أنما البدايات خلقت لنختار فيها الوضوح ، الإتجاه الصحيح
اختاري بداية ما تثقلك إنما توعيك و تخفف عليك ؛ لأجل إنتاجية لا تستهلك بل ترضيك
خلال هذا الأسبوع سأشاركك شرحاً مبسط عن كتيب: بداية ألفة ٢٠٢٦ — دليل الأم الواعية للنماذج الذهنية والإنتاجية اللطيفة
والذي به كتبت عن الأصوات الداخلية ، وأن التغيير الحقيقي لا يبدأ من التكنيكات و الخطط ، بل يبدأ من بذرة التفكير - الوعي
لو حابه تكوني على إطلاع — انضمي للقناة و ستجدين فيديو مرفق خلال هذا الأسبوع عن ذلك
ولو حابه تسجلي اهتمامك للحصول على الكتيب فور إطلاقه سجلي هنا
وفي الختام رددي معي
اللهم أجعل بدايتنا نوراً لا ثقلاً ، وأعمالنا بنيات خالصةً لك ، وأيامنا ألفةً تقربنا إليك ، لتطمئن قلوبنا ونعيش ببرد رضاك ، اللهم آمين
و إلى حيث السعي لتصبح الأحلام واقعاً
سلام ، سلام